بحـث
بحـث
المواضيع الأخيرة
المواضيع الأخيرة
التبادل الاعلاني
يتشرف منتدى فادي الشملاني يدعواصحاب المنتديات المشا ركه في قسم التبادل الاعلاني
التبادل الاعلاني
يتشرف منتدى فادي الشملاني يدعواصحاب المنتديات المشا ركه في قسم التبادل الاعلاني
نوفمبر 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | ||||
4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 |
11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 |
18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 |
25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى فادي الشمــــــــلاني على موقع حفض الصفحات
قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى فادي الشمــــــــلاني على موقع حفض الصفحات
أَحب مدينة البرتقال ودافع عن الأمل
صفحة 1 من اصل 1
أَحب مدينة البرتقال ودافع عن الأمل
زنكنة.. أَحب مدينة البرتقال ودافع عن الأمل
الرحيل أم البقاء..من أجل الحرية؟
مؤيد داود البصام
رحل عنا الرجل الذي ظل مخلصا لفكرة (الحرية) ان كانت للفرد او للشعوب، وظل يناضل بما آمن به بصمت، حتي وهو في أشد ازماته عندما اشتد عليه مرض عينيه، مثل جبل الصوان، يتحمل آلامه ويقاتل من اجل الانسان والانسانية بصمت. اجابني الشاعر الراحل سركون بولص قائلا: اقلنا حديثا محيي الدين. عندما قلت له: كنت انت اقلهم حديثا . (في معرض حديثنا عن مجموعة الادباء الذين اطلق عليهم لقب جماعة كركوك)، كان هذا اواخر عام 1966 في مدينة بغداد، ونحن نسير عند الباب الشرقي ذهابا الي المقهي الترابي في شارع سينما الخيام، حيث كنا نلتقي كل يوم مساء، فقليلا ما كان يخرج سركون في النهار الا اذا كان مطمئنا من خروجه، بسبب دوريات الانضباط العسكري التي اطلقها في وقتها العقيلي وزير الدفاع في ملاحقة المطلوبين للخدمة العسكرية.
وظلت من وقتها تحمل هاجس الرعب لكل الادباء والمثقفين الذين تمسهم القضية، في تلك الفترة تعرفت علي المبدع الراحل محيي الين زنكنه، من حديث اصدقائي سركون بولص ومؤيد الراوي، ولكني لم التق به، حتي حانت الفرصة، عندما أنشانا فرعا في مدينة بعقوبة لمؤسسة البصام للثقافة والسينما والمسرح، التي كنت رئيسها اوائل عام 1968، وأصدر الفرع عدد خاص من المجلة التي نصدرها في بغداد، )الفنون المعاصرة) عن الادب في بعقوبة او لأدباء مدينة بعقوبة، (واحتفظ بنسخة منها في ارشيفي)، وكان من ضمن من كتب فيها الراحل محيي الدين زنكنه قصة قصيرة، فقد عرف في بداية الستينيات ككاتب قصة، قبل ان يشتهر في ابداعاته في كتابة المسرحية، ومن ضمن من كتبوا في العدد الروائية لطفيه الدليمي قصة، والناقد سليمان البكري دراسة نقديةعن المسرح في بعقوبة، وكتاب آخرون من ادباء مدينة بعقوبة، في تلك الفترة تقابلنا وجها لوجه وعرفت محيي الدين زنكنه، ذلك الانسان الذي تتلبسه فكرة الحرية والتحرر من الامبريالية، وصياغاتها الاستعمارية، وكما هو معروف فان طليعة المناضلين في شعوبهم هم من الفنانين والكتاب والشعراء، وكان محيي الدين زنكنه واحد من هؤلاء الاعلام في الدفاع عن قضية شعبه وشعوب الارض قاطبة، بما كتبه عبر خمسة عقود.
قيم الدفاع عن الحرية
لم يكن محيي الدين انسانا عنصريا، ولا قوميا شوفينيا، كما يحاول ان يصيغه بعض الذين تستهويهم اللعبة، لقد كان انسانا يعتز بقوميته الكردية كما يعتز بها اي انسان آخر، ولكنه كان علي استعداد للتضحية، كما عمل طوال حياته للدفاع عن كل مقهور كائن من كان وايا كانت قوميته زمانا ومكانا، فان ابرز عنصر في مسرح محيي الدين زنكنه الذي يعبر عن نهجه الفكري والنضالي، هو هذا الصراع الذي يؤججه بين ابطاله، وعوامل الاحباطات التي ترافق حياتهم، كان يؤمن بان الرأسمالية هي اس البلاء في مشكلة الانسان والبشرية، وما حدث من نقاش حول مسرحيته (لمن الزهور) التي اخرجها الفنان عزيز خيون، في مهرجان بغداد للمسرح العربي، التي انقسم في تحليلها المناقشين بعد العرض في جلسة التقييم، بين الرمزية والنفسية وعقدة اوديب، او كونها مسرحية فكرية، ولكنهم اتفقوا في النهاية، انها مسرحية تتحدث عن العلاقات الاجتماعية بصيغة الرمز، وهو ما يوضح لنا ان محيي الدين زنكنه، كان مهتما بالانسان كونه ضمن حلقة الاضطهاد الراسمالي اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، ان كان محليا او عالميا، فكان اسلوبه السلس، والمؤثر في استثمار الرمز والدلالات الرمزية، لتصوير الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي العراقي يوصل هذا الحراك النضالي بقيم ابداعية رائعة، يستثمر فيها الرمز بصورة مذهلة، وقد صدرت هذه المسرحية ضمن كتاب ضم ثلاث مسرحيات تحت عنوان (مساء السلامة ايها الزنوج البيض) عام 1985، وهو عنوان احدي المسرحيات الثلاث التي ضمها الكتاب، وهي مسرحية مونودراما من فصل واحد، قدمت علي مسرح الدارالبيضاء في المغرب عام 1990 وقدمتها ايضا لجنة المسرح العراقي في منتدي المسرح ببغداد، وترجمت الي اللغة الكردية، وقدمت علي مسرح معهد الفنون الجميلة في السليمانية.
ونستطيع ان نفهم حراكه الفكري الذي كان يعبر عن وجهة نظر ووعي بمشكلة الانسان بما عبر عنها الناقد والباحث في ادب محيي الدين زنكنه، والكاتب المسرحي المبدع صباح الانباري في كتابه عن مسرحية (السؤال) حيث يقول "ينحاز في اعماله الي قيم الدفاع عن الحرية ومحاربة الظلم والطغيان والاستغلال، وقيم الزيف والضلال، ومنوها بدور المثقف في المجتمع، ضمن معطيات فنية لم يضح بها لمصلحة نواياه الايجابية " .
خلال غيابي عن العراق فترة أواخر ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، لم التق الراحل ولكن الاصدقاء كانوا يوردون لي اخباره، وذلك لاني طيلة العشر سنوات التي قضيتها في المقاومة الفلسطينية، لم احضر الي العراق الا مرتان وبايام معدودة لم تتح لي رؤية جميع الاصدقاء، حتي عودتي وكنت يومها اسير في شارع الرشيد فتقابلنا وصديقي الراحل عوني كرومي وقال: "هل ستحضر مسرحية صديقك التي اخرجها"، كانت مسرحية (صراخ الصمت الاخرس)، وكتبت عنها وارسلت مقالتي لجريدة الجمهورية ولكنها لم تنشر، وبعد عقد ونيف اعطاني صديقنا القاص والروائي سعد محمد رحيم المقال التي احتفظ به في الارشيف، وقال هذه من ابي آزاد، ولم اعرف كيف وصلته، ولكنني استغليت مسافة السفر من بغداد الي مدينة الحلة عام 2000، اذ كان قد اتصل بي وطلب ان نذهب بسيارتي الي مدينة الحلة لحضور مناقشة رسالة ماجستير لاحد طلاب جامعة بابل، عن مسرحياته، وقد سالته عن المقالة، فقال : لانك اصبت في نقدك عن التغيير الذي احدثه الحذف الذي قام به صديقنا المخرج عوني اولا، وما اردت اثارت المسألة، علي الرغم من انزعاجي من كثرة الحذف، وثانيا لانك تعرضت الي الاضطهاد الاجتماعي، ما يكشف الدلالة الرمزية التي اختفي ورائها. وعندما وصلنا الي جامعة بابل، كان في استقبالنا الراحل قاسم عبد الامير عجام و د.محمد ابو خضير احد المشرفين علي الرسالة وبعض من اساتذة الكلية، واقيمت دعوة غداء علي شرفه، وقد خانتني الذاكرة عن الصديقين اللذين كانا معنا في الرحلة.
بعقوبة التي احتضنته واحتضنتنا
منذ ان استوطن محيي الدين مدينة البرتقال، عام 1964 بعد تعيينه مدرسا للغة العربية فيها لم يغادرها، الا عندما اشتدت عليه الخطوب بعد الاحتلال، الذي جلب الويلات علي العراق وطنا وشعبا، فتركها مرغما الي مدينة السليمانية عام 2006، وكان لقائنا الاول بابي آزاد بعد فراق سنين طوال، عندما كنا نحضر امسية في اتحاد الادباء فرع ديالي، وبعد انتهاء الجلسة التفت د.شجاع العاني وقال: ياجماعه نحن مقصرون بحق صديقنا محيي الدين، اذ كنا نناقش رواية النص، وقال : يومها شجاع ان اول من كتب في رواية النص هو الكاتب محيي الدين زنكنه، وقادنا سعد محمد رحيم الي بيته، وفي المرة الثانية لزياتنا له حملت له معي مجلة (الزمان الجديد) التي كانت تصدرها جريدة الزمان، في تلك الفترة من تسعينيات القرن الماضي، وكانت زوجتي عند عودتها من زيارة اهلها في عمان، تحملها مع المطبوعات التي تصدرها جريدة الزمان سرا، والتي توقفت عن الاصدار بعد (التحرير) الاحتلالي، وكان فيها خبر لباحث ومسرحي عراقي، قدم الي مسرح برودويه في امريكا طلبا لانتاج أحدي مسرحيات زنكنه، وقد وافقت ادارة المسرح بعد اطلاعها علي اعمال ومسرحيات محيي الدين، وقد استبشر خيرا بهذا الخبر، فمن خلال الدعوة التي ستوجه له، يستطيع ان يعالج عينيه هناك، وطلب مني ان احصل علي عنوان هذا الشخص عبر المراسلة مع جريدة الزمان حتي يرسله الي آزاد للاتصال به، كان وقتها ابنه آزاد خارج العراق، لم يكن مهتما باهمية ان تقدم مسرحيته علي مسرح برودواي الشهير بقدر اهتمامه في معالجة عينيه، وبعد الاحتلال عندما اقمنا احتفالا تكريميا بمبادره من الاعلامي يوسف في قاعة التربية في الباب المعظم، وكان المقدم للاحتفالية صباح الانباري، وبعد القاء مداخلتي عنه، جلست الي جنبه وهمست : بدل ان نذهب لامريكا جاءت الينا، فهل في علاج عينيك أمل؟ .ابتسم بهدوء وقال: ننتظر ونري.
وانتظرنا ورأينا، انهم جاؤا من اجل مصالحهم الخاصة، والذين عاونوا المحررين، كانوا اشد تعاسة ومرارة علي الشعب العراقي، فلم يعرفوا الا مصالحهم ومكاسبهم الخاصة، وكما كتب تحسين كرمياني "مات محيي الدين زنكة، تاركاً حسرة كبيرة في قلبه، حسرة عدم إعطاءه (فيزا) كي يعالج شبكية عينية".
في كل الزيارات التي كنا نذهب بها الي بعقوبة، في المناسبات التي كان يقيمها فرع اتحاد الادباء في ديالي فعالياته، كنا نزور ابو آزاد في بيته، وكذلك عندما كرمته جامعة ديالي، او الندوة التي اقامها الفرع تكريما له، او عندما التقينا به حين حضر تكريم فرع الاتحاد في ديالي الفنان والكاتب خسرو الجاف، وكان صباح الانباري يطلعنا علي آخر مستجدات ما انتجه الراحل، فقد جند وقته وابداعه وفاءً لاستاذه فبحث في كل شاردة وواردة في ادب وفكر وحياة محيي الدين زنكنه، وحلل وفسر وقيم وفهرس، وكشف مواقع الابداع في ادب محيي الدين زنكنه، فكان بحق التلميذ النجيب والابن الروحي لهذا المبدع الرائع، وعلي الرغم مما قامت به جامعة ديالي من تكريم للمبدع الراحل، بالندوة التي اقامتها عام 1999-2000 بعنوان (محيي الدين زنكنه اديبا) قدم فيها د. فاضل التميمي ود.وليد شاكر نعاس وصباح الانباري وسعد محمد رحيم، بحوث في ادب الراحل ثم اعقبهم المحتفي به ليتحدث عن تجربته، الا ان الناقد فاضل التميمي، كان يطمح لاكثر من ذلك، عندما اسر لنا بانه قدم اقتراحا لجعل جائزة باسم محيي الدين زنكنه، لكن كل ما كنا نتمناه ضاع مع الاحتلال الذي جاء به المحررون، وعز عليهم منحه ما ظل يتمناه وهو علاج عينيه ليستمر بنفس النهج والقوة علي القراءة والكتابة والمواكبة، والآن بعد ان غادرنا جسدا، وظل معنا روحا وفكرا سيصبح مزادا من اجل ابراز وجودهم الخائب للكسب علي حساب ابداعه، فهل يعذرنا آزاد ان قدمنا التعزية الي من حفظ مكانة هذا المبدع الرائع ابا واستاذا، ودرس مكانته الادبية والفكرية واثرها في الادب المسرحي العراقي والعربي في حياته، ليس مزايدتة اوتحصيل مكسب، انما ايمانا حقيقيا منه، بابداع محيي الدين زنكنة، الذي فاق من تابع ابداعه في التكريم، وابدع في التعميم وكان قدوة لمن يحترم الثقافة والمثقفين في حياتهم قبل مماتهم، بروح الاثرة والتضحية. لقد ظل الكثير عصي عليهم فهم محيي الدين زنكنه، وفيما كتبه صديقه زهدي الداوودي يوضح لنا جزء مهم من شخصيته " انه كان يحب العزلة ويبتعد عن مماحكاتهم التي يعتبرها صبيانية، كان يختفي برهة كي يظهر من جديد كما لو انه جاء يقدم عربونا للوفاء والاخلاص " وما اكده الناقد فاضل عبود التميمي " كان محيي الدين زنكنه في سنواته اليعقوبية، يعيش عزلة مبدعة لم تمنعه من الاختلاط بادباء المحافظة ومثقفيها، فقد كانت علاقاته الادبية والاجتماعية تمتد الي العشرات منهم ... لكنه كان محييرا للكثيرين ممن كانوا لا يفهمونه لا سيما الذين لم يقرؤا ما كتب، او كانوا علي مبعدة من افكاره وتصوراته الادبية والانسانية ".
واذا تصفحنا ما ناله الراحل من النظام الدكتاتوري السابق من جوائز وهو كما كان معروفا عنه ضد النظام السابق فكريا، و نقارن بما قدمه المحررون بعد الاحتلال، خلال سبع سنوات، تكريما لهذا المبدع الفذ، سنجد المفارقة كما تشير سيرته الابداعية المنشورة في هذا الملف.
الرحيل أم البقاء..من أجل الحرية؟
مؤيد داود البصام
رحل عنا الرجل الذي ظل مخلصا لفكرة (الحرية) ان كانت للفرد او للشعوب، وظل يناضل بما آمن به بصمت، حتي وهو في أشد ازماته عندما اشتد عليه مرض عينيه، مثل جبل الصوان، يتحمل آلامه ويقاتل من اجل الانسان والانسانية بصمت. اجابني الشاعر الراحل سركون بولص قائلا: اقلنا حديثا محيي الدين. عندما قلت له: كنت انت اقلهم حديثا . (في معرض حديثنا عن مجموعة الادباء الذين اطلق عليهم لقب جماعة كركوك)، كان هذا اواخر عام 1966 في مدينة بغداد، ونحن نسير عند الباب الشرقي ذهابا الي المقهي الترابي في شارع سينما الخيام، حيث كنا نلتقي كل يوم مساء، فقليلا ما كان يخرج سركون في النهار الا اذا كان مطمئنا من خروجه، بسبب دوريات الانضباط العسكري التي اطلقها في وقتها العقيلي وزير الدفاع في ملاحقة المطلوبين للخدمة العسكرية.
وظلت من وقتها تحمل هاجس الرعب لكل الادباء والمثقفين الذين تمسهم القضية، في تلك الفترة تعرفت علي المبدع الراحل محيي الين زنكنه، من حديث اصدقائي سركون بولص ومؤيد الراوي، ولكني لم التق به، حتي حانت الفرصة، عندما أنشانا فرعا في مدينة بعقوبة لمؤسسة البصام للثقافة والسينما والمسرح، التي كنت رئيسها اوائل عام 1968، وأصدر الفرع عدد خاص من المجلة التي نصدرها في بغداد، )الفنون المعاصرة) عن الادب في بعقوبة او لأدباء مدينة بعقوبة، (واحتفظ بنسخة منها في ارشيفي)، وكان من ضمن من كتب فيها الراحل محيي الدين زنكنه قصة قصيرة، فقد عرف في بداية الستينيات ككاتب قصة، قبل ان يشتهر في ابداعاته في كتابة المسرحية، ومن ضمن من كتبوا في العدد الروائية لطفيه الدليمي قصة، والناقد سليمان البكري دراسة نقديةعن المسرح في بعقوبة، وكتاب آخرون من ادباء مدينة بعقوبة، في تلك الفترة تقابلنا وجها لوجه وعرفت محيي الدين زنكنه، ذلك الانسان الذي تتلبسه فكرة الحرية والتحرر من الامبريالية، وصياغاتها الاستعمارية، وكما هو معروف فان طليعة المناضلين في شعوبهم هم من الفنانين والكتاب والشعراء، وكان محيي الدين زنكنه واحد من هؤلاء الاعلام في الدفاع عن قضية شعبه وشعوب الارض قاطبة، بما كتبه عبر خمسة عقود.
قيم الدفاع عن الحرية
لم يكن محيي الدين انسانا عنصريا، ولا قوميا شوفينيا، كما يحاول ان يصيغه بعض الذين تستهويهم اللعبة، لقد كان انسانا يعتز بقوميته الكردية كما يعتز بها اي انسان آخر، ولكنه كان علي استعداد للتضحية، كما عمل طوال حياته للدفاع عن كل مقهور كائن من كان وايا كانت قوميته زمانا ومكانا، فان ابرز عنصر في مسرح محيي الدين زنكنه الذي يعبر عن نهجه الفكري والنضالي، هو هذا الصراع الذي يؤججه بين ابطاله، وعوامل الاحباطات التي ترافق حياتهم، كان يؤمن بان الرأسمالية هي اس البلاء في مشكلة الانسان والبشرية، وما حدث من نقاش حول مسرحيته (لمن الزهور) التي اخرجها الفنان عزيز خيون، في مهرجان بغداد للمسرح العربي، التي انقسم في تحليلها المناقشين بعد العرض في جلسة التقييم، بين الرمزية والنفسية وعقدة اوديب، او كونها مسرحية فكرية، ولكنهم اتفقوا في النهاية، انها مسرحية تتحدث عن العلاقات الاجتماعية بصيغة الرمز، وهو ما يوضح لنا ان محيي الدين زنكنه، كان مهتما بالانسان كونه ضمن حلقة الاضطهاد الراسمالي اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، ان كان محليا او عالميا، فكان اسلوبه السلس، والمؤثر في استثمار الرمز والدلالات الرمزية، لتصوير الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي العراقي يوصل هذا الحراك النضالي بقيم ابداعية رائعة، يستثمر فيها الرمز بصورة مذهلة، وقد صدرت هذه المسرحية ضمن كتاب ضم ثلاث مسرحيات تحت عنوان (مساء السلامة ايها الزنوج البيض) عام 1985، وهو عنوان احدي المسرحيات الثلاث التي ضمها الكتاب، وهي مسرحية مونودراما من فصل واحد، قدمت علي مسرح الدارالبيضاء في المغرب عام 1990 وقدمتها ايضا لجنة المسرح العراقي في منتدي المسرح ببغداد، وترجمت الي اللغة الكردية، وقدمت علي مسرح معهد الفنون الجميلة في السليمانية.
ونستطيع ان نفهم حراكه الفكري الذي كان يعبر عن وجهة نظر ووعي بمشكلة الانسان بما عبر عنها الناقد والباحث في ادب محيي الدين زنكنه، والكاتب المسرحي المبدع صباح الانباري في كتابه عن مسرحية (السؤال) حيث يقول "ينحاز في اعماله الي قيم الدفاع عن الحرية ومحاربة الظلم والطغيان والاستغلال، وقيم الزيف والضلال، ومنوها بدور المثقف في المجتمع، ضمن معطيات فنية لم يضح بها لمصلحة نواياه الايجابية " .
خلال غيابي عن العراق فترة أواخر ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، لم التق الراحل ولكن الاصدقاء كانوا يوردون لي اخباره، وذلك لاني طيلة العشر سنوات التي قضيتها في المقاومة الفلسطينية، لم احضر الي العراق الا مرتان وبايام معدودة لم تتح لي رؤية جميع الاصدقاء، حتي عودتي وكنت يومها اسير في شارع الرشيد فتقابلنا وصديقي الراحل عوني كرومي وقال: "هل ستحضر مسرحية صديقك التي اخرجها"، كانت مسرحية (صراخ الصمت الاخرس)، وكتبت عنها وارسلت مقالتي لجريدة الجمهورية ولكنها لم تنشر، وبعد عقد ونيف اعطاني صديقنا القاص والروائي سعد محمد رحيم المقال التي احتفظ به في الارشيف، وقال هذه من ابي آزاد، ولم اعرف كيف وصلته، ولكنني استغليت مسافة السفر من بغداد الي مدينة الحلة عام 2000، اذ كان قد اتصل بي وطلب ان نذهب بسيارتي الي مدينة الحلة لحضور مناقشة رسالة ماجستير لاحد طلاب جامعة بابل، عن مسرحياته، وقد سالته عن المقالة، فقال : لانك اصبت في نقدك عن التغيير الذي احدثه الحذف الذي قام به صديقنا المخرج عوني اولا، وما اردت اثارت المسألة، علي الرغم من انزعاجي من كثرة الحذف، وثانيا لانك تعرضت الي الاضطهاد الاجتماعي، ما يكشف الدلالة الرمزية التي اختفي ورائها. وعندما وصلنا الي جامعة بابل، كان في استقبالنا الراحل قاسم عبد الامير عجام و د.محمد ابو خضير احد المشرفين علي الرسالة وبعض من اساتذة الكلية، واقيمت دعوة غداء علي شرفه، وقد خانتني الذاكرة عن الصديقين اللذين كانا معنا في الرحلة.
بعقوبة التي احتضنته واحتضنتنا
منذ ان استوطن محيي الدين مدينة البرتقال، عام 1964 بعد تعيينه مدرسا للغة العربية فيها لم يغادرها، الا عندما اشتدت عليه الخطوب بعد الاحتلال، الذي جلب الويلات علي العراق وطنا وشعبا، فتركها مرغما الي مدينة السليمانية عام 2006، وكان لقائنا الاول بابي آزاد بعد فراق سنين طوال، عندما كنا نحضر امسية في اتحاد الادباء فرع ديالي، وبعد انتهاء الجلسة التفت د.شجاع العاني وقال: ياجماعه نحن مقصرون بحق صديقنا محيي الدين، اذ كنا نناقش رواية النص، وقال : يومها شجاع ان اول من كتب في رواية النص هو الكاتب محيي الدين زنكنه، وقادنا سعد محمد رحيم الي بيته، وفي المرة الثانية لزياتنا له حملت له معي مجلة (الزمان الجديد) التي كانت تصدرها جريدة الزمان، في تلك الفترة من تسعينيات القرن الماضي، وكانت زوجتي عند عودتها من زيارة اهلها في عمان، تحملها مع المطبوعات التي تصدرها جريدة الزمان سرا، والتي توقفت عن الاصدار بعد (التحرير) الاحتلالي، وكان فيها خبر لباحث ومسرحي عراقي، قدم الي مسرح برودويه في امريكا طلبا لانتاج أحدي مسرحيات زنكنه، وقد وافقت ادارة المسرح بعد اطلاعها علي اعمال ومسرحيات محيي الدين، وقد استبشر خيرا بهذا الخبر، فمن خلال الدعوة التي ستوجه له، يستطيع ان يعالج عينيه هناك، وطلب مني ان احصل علي عنوان هذا الشخص عبر المراسلة مع جريدة الزمان حتي يرسله الي آزاد للاتصال به، كان وقتها ابنه آزاد خارج العراق، لم يكن مهتما باهمية ان تقدم مسرحيته علي مسرح برودواي الشهير بقدر اهتمامه في معالجة عينيه، وبعد الاحتلال عندما اقمنا احتفالا تكريميا بمبادره من الاعلامي يوسف في قاعة التربية في الباب المعظم، وكان المقدم للاحتفالية صباح الانباري، وبعد القاء مداخلتي عنه، جلست الي جنبه وهمست : بدل ان نذهب لامريكا جاءت الينا، فهل في علاج عينيك أمل؟ .ابتسم بهدوء وقال: ننتظر ونري.
وانتظرنا ورأينا، انهم جاؤا من اجل مصالحهم الخاصة، والذين عاونوا المحررين، كانوا اشد تعاسة ومرارة علي الشعب العراقي، فلم يعرفوا الا مصالحهم ومكاسبهم الخاصة، وكما كتب تحسين كرمياني "مات محيي الدين زنكة، تاركاً حسرة كبيرة في قلبه، حسرة عدم إعطاءه (فيزا) كي يعالج شبكية عينية".
في كل الزيارات التي كنا نذهب بها الي بعقوبة، في المناسبات التي كان يقيمها فرع اتحاد الادباء في ديالي فعالياته، كنا نزور ابو آزاد في بيته، وكذلك عندما كرمته جامعة ديالي، او الندوة التي اقامها الفرع تكريما له، او عندما التقينا به حين حضر تكريم فرع الاتحاد في ديالي الفنان والكاتب خسرو الجاف، وكان صباح الانباري يطلعنا علي آخر مستجدات ما انتجه الراحل، فقد جند وقته وابداعه وفاءً لاستاذه فبحث في كل شاردة وواردة في ادب وفكر وحياة محيي الدين زنكنه، وحلل وفسر وقيم وفهرس، وكشف مواقع الابداع في ادب محيي الدين زنكنه، فكان بحق التلميذ النجيب والابن الروحي لهذا المبدع الرائع، وعلي الرغم مما قامت به جامعة ديالي من تكريم للمبدع الراحل، بالندوة التي اقامتها عام 1999-2000 بعنوان (محيي الدين زنكنه اديبا) قدم فيها د. فاضل التميمي ود.وليد شاكر نعاس وصباح الانباري وسعد محمد رحيم، بحوث في ادب الراحل ثم اعقبهم المحتفي به ليتحدث عن تجربته، الا ان الناقد فاضل التميمي، كان يطمح لاكثر من ذلك، عندما اسر لنا بانه قدم اقتراحا لجعل جائزة باسم محيي الدين زنكنه، لكن كل ما كنا نتمناه ضاع مع الاحتلال الذي جاء به المحررون، وعز عليهم منحه ما ظل يتمناه وهو علاج عينيه ليستمر بنفس النهج والقوة علي القراءة والكتابة والمواكبة، والآن بعد ان غادرنا جسدا، وظل معنا روحا وفكرا سيصبح مزادا من اجل ابراز وجودهم الخائب للكسب علي حساب ابداعه، فهل يعذرنا آزاد ان قدمنا التعزية الي من حفظ مكانة هذا المبدع الرائع ابا واستاذا، ودرس مكانته الادبية والفكرية واثرها في الادب المسرحي العراقي والعربي في حياته، ليس مزايدتة اوتحصيل مكسب، انما ايمانا حقيقيا منه، بابداع محيي الدين زنكنة، الذي فاق من تابع ابداعه في التكريم، وابدع في التعميم وكان قدوة لمن يحترم الثقافة والمثقفين في حياتهم قبل مماتهم، بروح الاثرة والتضحية. لقد ظل الكثير عصي عليهم فهم محيي الدين زنكنه، وفيما كتبه صديقه زهدي الداوودي يوضح لنا جزء مهم من شخصيته " انه كان يحب العزلة ويبتعد عن مماحكاتهم التي يعتبرها صبيانية، كان يختفي برهة كي يظهر من جديد كما لو انه جاء يقدم عربونا للوفاء والاخلاص " وما اكده الناقد فاضل عبود التميمي " كان محيي الدين زنكنه في سنواته اليعقوبية، يعيش عزلة مبدعة لم تمنعه من الاختلاط بادباء المحافظة ومثقفيها، فقد كانت علاقاته الادبية والاجتماعية تمتد الي العشرات منهم ... لكنه كان محييرا للكثيرين ممن كانوا لا يفهمونه لا سيما الذين لم يقرؤا ما كتب، او كانوا علي مبعدة من افكاره وتصوراته الادبية والانسانية ".
واذا تصفحنا ما ناله الراحل من النظام الدكتاتوري السابق من جوائز وهو كما كان معروفا عنه ضد النظام السابق فكريا، و نقارن بما قدمه المحررون بعد الاحتلال، خلال سبع سنوات، تكريما لهذا المبدع الفذ، سنجد المفارقة كما تشير سيرته الابداعية المنشورة في هذا الملف.
يحيى- عضوجديد
- تاريخ التسجيل : 19/09/2010
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 01 مايو 2015, 2:11 am من طرف فادي الشملاني
» اغنية سكس -هيفاء وهبي
الخميس 19 ديسمبر 2013, 12:23 am من طرف فادي الشملاني
» مسلسل وادي الذئاب مدبلج الجزء الرابع الحلقة 3 - 5
الخميس 19 ديسمبر 2013, 12:19 am من طرف فادي الشملاني
» لوْ ڪْنتْ عآإيشّ شعوٍرٍيّ طحتْ من طوٍلكْ ‘
الخميس 19 ديسمبر 2013, 12:18 am من طرف فادي الشملاني
» من يريدمساعده يتصل0545996000
الخميس 19 ديسمبر 2013, 12:15 am من طرف فادي الشملاني
» برنامج كاشف غير المتصل للمسنجر بلس
الخميس 19 ديسمبر 2013, 12:13 am من طرف فادي الشملاني
» عاجل يوجد اقساط0545996000
الخميس 19 ديسمبر 2013, 12:11 am من طرف فادي الشملاني
» كيف يمكن عمل فورمات للهارد ديسك ليعود بكامل مساحتة كا المصنع تماما
الثلاثاء 09 يوليو 2013, 4:21 am من طرف دلوعتي
» عاجل السياحه بالسعوديه
الثلاثاء 09 يوليو 2013, 4:12 am من طرف فادي الشملاني